عرفه الطالب أخيار بن الشيخ مامينا بقوله:
هو محمد الإمام بن الزين بن أحمد جدُّو بن محمد بن أحمد الصغير من بطن تَمْيلَّه، أمه: غَلْوَة بنت نافع.
كان عالما فقيها، أديبا شاعرا وكان رئيسا في قبيلته.
وفد على الشيخ ماء العينين في نواحي الساقية الحمراء ولازمه زمنا طويلا وأخذ عنه الطريقة وبعض العلوم وكانت له مكانة عظيمة عند الشيخ، وقد أسند إليه الكثير من المهام، من بينها الإشراف على بناء حاضرة “السمارة” وغرس نخلها.
يقول عنه الشيخ النعمة: “محمد الإمام بن الزين العلوي كان من أجلاء مريديه أطال الله حياته له شهرة بين من يعرفه من الناس بالأدب والعلم والمضاء في الأمور، وبلاغة الخطاب، وسرعة الجواب، والذكاء والتقدم في المحافل، والتحلي بالفضائل، وقد جعله (أي الشيخ ماء العينين) مقدما على كثير من الأمور… ومن جملة ما جعله فيه من أموره العلية، بناء داره المعروفة بدار الله بوادي “السمارة”، فهو الذي كان بناها وغرس نخلها على يده، وهو ممن أعرف. وله في حضرته مدائح بالحسانية كثيرة، بل هو من كبار مُدَّاحه فيها، وأما العربية فقليل ما قد قال عنها بالنسبة للحسَّانية”.
قال ابن العتيق عن صاحب الترجمة: “العالم العامل العابد الواصل، كان من أكابر قومه ورؤسائهم، فقاده الحظ السعيد إلى شيخنا، فتلمذ عليه وكان عاقلا فاضلا، فولاه شيخنا كثيرا من أموره المهمة فقام بها، وخدم شيخنا الخدمة التامة، فسلك أحسن سلوك، ووصل حضرة مالك الملوك وكان ماهرا في شعر الحسانية، ومدح شيخنا بكثير منه، لم يُسمع مثله براعة وبلاغة، وكان شيخنا معجبا بعقله، ويشاوره في كثير من أموره رحمة الله عليه.
وكان رحمه الله لا يلبس إلا الثياب الجميلة والنعل الحسن، ويستعمل الطيب الجيِّد، وله في ذلك حكاية حدثني بها سيدي عثمان بن الشيخ محمد الأغظف، وهي أنه حدثه الثقة محمد ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل، وكان من أحفاد الشيخ ماء العينين الكبار الذين أدركوا زمنه، أن صاحب الترجمة لما قدم على الشيخ ماء العينين قال له: جئتك من بلاد بعيدة، وقد قيل لي أنك تُداوي عُضَال دَاء الذُنوب، لذلك جئتك، لكني أبايعك على شرط، إن قبلته بايعتك وإلا عُدتُ إلى أهلي. فقال الشيخ ماء العينين: ما هو؟ قال: تعودتُ – عند أهلي – لبس الجميل من الثياب والنعال، واستعمال الطيب، والجلوس في مجالس الظرفاء، فإن قبلت بيعتي أن أظل كذلك، وإلا رجعت إلى بلادي، فلا طاقة لي على لبس المرقعات وحلق الرأس، ورثاثة الهيئة. فقال له الشيخ ماء العينين: بيعتك مقبولة على الله، وكنتُ قد رجوتُ من الله ألا يكون سيل الوادي أفضل مني، فإنه يسقي الشجرة على الحالة التي هي عليها، حتى تورق وتُثمر، غير أن الثياب التي ستجدها هنا ستكون أفخر وأجمل، ومعها حُلَلُ “المِلفِ” النادر إن شاء الله.
ولما مضت عليه سنون عديدة وهو في حالة من رغد العيش، وحسن الحال، قال شعرا بالحسانية، يتذكر فيه مواضع من بلاده، ويُقارن بينها وبين وادي ” السمارة” ويخلص في نهايته إلى أن وادي “السمارة” صار أعز عنده مائة مرة من المواضع التي ببلاده.
ومطلع شعره بالحسانية:
أنواليكْ أبلدْ فيهْ أطليكْ || لخلاكْ منوْقات الظيكْ
ودرومْ أبلدْ ماهْركيكْ…
وهي قطعة شهيرة، وكان رحمه الله كثير الأسفار مع الشيخ ماء العينين.
عقَّب من الأولاد: محمد أحمد الملقب “صنْبارَه”، ومريم أمها: آسية بنت محمد فال بن الطالب.
المصدر: كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الأول، الطبعة الثانية ص 442-443. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.*