عبد الرحمان بن جعفر الكتاني

عبد الرحمن بن جعفر بن إدريس الكتاني، ولد بفاس عام 1297، تربى في كنف والده الشيخ جعفر بن إدريس الكتاني، وأخيه الشيخ محمد بن جعفر الكتاني، عالم و أديب و شاعر، ذا معرفة بالفقه والحديث والآثار، والنحو واللغة والأدب. سريع الفهم، واسع الاطلاع، عميق الإدراك، ممن يرجع إليهم في وقته. ترك الشيخ عبد الرحمن بن جعفر الكتاني عدة مؤلفات منها: “الجوهر النفيس، في النسب الكتاني النفيس”، وتأليف فيمن أردفه النبي صلى الله عليه وسلم خلفه، وحاشية على شرح الأزهري على “الآجرومية”، و”كشف النقاب عن موافقة سيدنا عمر بن الخطاب” و مؤلفات أخرى…. كما عني العلامة عبد الرحمن الكتاني بتحقيق وإصدار عدة كتب تراثية مهمة من بينها مجموعة من مؤلفات الشيخ ماء العينين … وغير ذلك. توفي بفاس عن سبعة وثلاثين عاما، إثر سقوطه عن فرس على صدره في التاسع من صفر عام 1334، ودفن داخل قبة الإمام الدراس بن إسماعيل بالقباب قبالة باب الفتوح.(1)

 

ترجم له الشيخ النعمة و قال عنه ” أديب أقرانه، و لبيب صحبانه، العالم الفقيه الشريف و الحب المنيف” و قال: ” كان من العلماء المتقين، و الأدباء الورعين، و له مشاركة جيدة في أكثر الفنون المعقولة و المنقولة، و تآليفه حسنة، و أجوبته عن المسائل مستحسنة، و له ذكاء مفرط و جودة قريحة و تثبت…” (2)

 

 

للشاعر ديوان، حققه و رتبه الدكتور علي بن المنتصر الكتاني، و يضم قصائد في المولوديات، الاسلاميات الاخوانيات….إلى جانب أمداح و تقاريظ من بينها قصائد في مدح الشيخ ماءالعينين و تقاريظ لبعض من مؤلفاته، ومنها قوله مقرظا تأليفي الشيخ ماءالعينين ” إظهار الطريق المشتهر و ” قرة العينين في الكلام على رؤية الباري في الدارين:

 

بـادرْ هُديـتَ النفس بـالإصلاحِ ** واعصِ العذولَ، ودع مقـال اللاحـــــي

واتـركْ هـواك ولا تـمـل أبـدًا إلى **مـا تبتغـيـــــــــــــه النفسُ دون فلاح

واسلكْ مسـالكَ مـن رقَوا أسمى المرا ** قـي، فـي الغدوّ وعـند كل رواح

قـومٌ بتطهـير الفـواد تشـاغلـوا ** أبـدًا ومـا الـتفتـوا إلى الأشبـــــــاح

فـاتبَعْ طريـقهـمُ تـنل مـا شئتَ مـن ** حـلل الرضـا وكرائم الأمـنـــــاح

لا تَعْدُ عـنه فإنه مـا أَمَّه ** حـيرانُ إلا آبَ بـــــــــــــــــالأفراح

واجعـلْ دلـيلك نحـوه يـهديك مـا ** أبـدته فكرةُ ذي السنـا الــوضّاح

العـالـمِ العـلامة النحـرير من ** عَمَّ الأنـامَ بفـيضه الســـــــــــــــيّاح

كهفِ الأنـام إمـام أهل زمـانه ** شـيـخِ الـمشـايـخ مـرهـــــــــم الأرواح

ربِّ الـمعـارف والـمـناقب والكرا** مـات الـتـي ظهـرت ظهـورَ صـبـــــاح

أعـنـي بذلك شيـخنـا مولانـا «ما الــ ** ـعـيـنـيـنِ» مـا أعلاه مـن جحجاح!

لله مـا أبـداه مـن شـرحٍ به ** قـد نـارتِ الأفكـار كـالـمـصـبـــــــاح!

كـم فـيـه مـن حِكـمٍ وأسرارٍ غدت ** بجـمـالهـا تُنسـيك ذاتَ وشـــــــــــــاح

فهـو الـمبـيَّن للطريـق حقـيــقةً ** وهـو الـدلـيل لـــــــــــــحضرة الفتَّاح

وبقُرَّة العـيـنـين قَرَّ ذوو النهى ** عـيـنًا ومـا هـو فـيـه بـــــــــالأمداح

كشفَ النقـابَ ولـم يـدع مـن شبـهةٍ ** إلا أزال بـغاية الإيضــــــــاح

قـد كـان كلٌّ مـنهـمـا في خِدره ** متـمـنّعًا عـن ذي ندًى وسمــاح

فكـسـاهـمـا ذا الطبع أجـملَ حُلَّةٍ ** وحَبـاك وصلهـمـا بـغـير جنـــاح

فـانهضْ بعزمٍ لاقتـنـائهـمـا ولو ** بنفـائس الأمـوال والأربــــــــــــــاح

وادعُ الإلهَ لـمـن تسبّبَ فـيـهـما ** وارجعْ بِذاك إلـيـــــــــــــه بطن الراح

شُكْر الـوسـائط واجـبٌ فـي شـرعـنــ ** بنصـوص أخبـار النـبـيْ الـمــنَّاح

صلّى عـلـيـه الله معْ أصحـابـه ** والآل مـا وافى نسـيـمُ صـبــــــــــــاح

متلـوّةً أزكى السلام عـلـيـهـمُ ** مـا غنَّتِ الأطـيـار فـــــــــــي الأدواح

إن قـلـت مـا تـاريـخه، قـل صـاحِ بـل ** بـادرْ هديـت النفسَ بــالإصلاح (3)

 

المصادر:

 

(1) مصادر الترجمة: ديوان شاعر فاس عبد الرحمن بن جعفر الكتاني، جمع و ترتيب الدكتور علي بن عبد المنتصر الكتاني، ص 8،9 و 10. موقع الطريقة الكتانية.

 

(2) ديوان شاعر فاس ص 13.

 

(3) ديوان الشاعر ص 119 و 120. و مقال ديوان الغائبين: عبد الرحمن الكتاني، موقع الأنطولوجيا