الشيخ محمد تقي الله ويعرف أيضا بالشيخ محمد بويا، والدته العزة بنت الكوري العروسية. وُلد في آخر ذي الحجة سنة 1287 هجرية (الموافق فبراير 1871 للميلاد)ـ و توفي بمراكش توفي في حياة والده يوم الجمعة الرابع من رمضان سنة 1320 للهجرة ( الموافق ديسمبر 1902). وهو السادس من أبناء الشيخ ماء العينين.
تربى وحفظ القرآن و أخذ العلوم عن والده، وفي ذلك يقول ماء العينين بن الحضرمي: “قرأ القرآن حتى مهر فيه، وأخذ في قراءة العلوم على أبيه، حتى صار فيها بحرا لا ساحل له فيه، وكان شاعرا مفلقا مجيدا ناظما كاتبا ناثرا، تآليفه كثيرة في النحو والبيان والفقه واللغة والأسرار له ديوان شعر كبير، في مدح أبيه، ذا فطنة و عقل و دهاء و خبرة بجميع الأمور…” .
ترجم له ماء العينين بن العتيق في كتابه سحر البيان، و في ترجمته: “كان من أجلاء علماء الأمة، وأتقياء عظماء الأئمة، له اليد الطولى والقدح المعلى في الفتوة والعلوم الوهبية والكسبية لا تبلغ شأو همته العلية الهمم و لا يحيط بمزاياه الجلية لسان و لا قلم الهمم …”
وصفه أخوه الشيخ مربيه ربه في كتابه قرة العينين كما أورد بن العتيق ملخصا :”العالم العلامةالدراكة الفهامة ذو الفتح الرباني و الفيض الصمداني جامع المذاهب ساطع المناقب..”
وعرفه بن مايابى الجكني بقوله :” وكان محمد تقي الله ذا فتوحات عجيبة وكرامات غريبة وكان صاحب اشتغال بالعلوم ومتعلق الخاطر بجمع الفنون، وكان سريع الفهم صحيح النظر،وكانت علومه كلها منحا وفتحا ربانيا وفيضا الهيا فقد شاهدته يبلغ رتبة التأليف في فن دون درس ولا مكابدة ولا طول مجاهدة….وقد أظهر الله عليه من صغره من آثار الولاية ودلائل العناية ما لايكيف ولا يطاق..”
وفي كتاب الطالب أخيار بن مامينا نقلا عن نفس المصدر:
“… له تآليف حسنة في فنون شتى، منها شرحه ألفية ابن مالك مع احمرار ابن بونه وطرته، وهو شرح لا نظير له يسمى: ” تبيين ما يعنون من ألفية ابن مالك وطرة ابن بون”، ومنها شرحه مقصورة ابن دريد، ومنها شرحه نظم الطالب عبد الله في رسم القرآن، المسمى: “السراج اللامع على المحتوى الجامع لرسم الصحابة وضبط التابع” ومنها حاشيته المسماة ب”نفحة الرؤوف على كتاب مذهب المخوف”، ومنها تعليق على ألفية السيوطي في المصطلح ومنها منظومتان في سيرة الشيخ ماء العينين العبادية والعادية .وله نظم في آداب المعلم والمتعلم وله نظم في المروءة والوفاء بالعهد وله شرح على متن الأخضري في الفقه.
وتحدث ابن العتيق عن حضور بديهته وقوة نجابته وقال: “كان ذات يوم معه أدباء علماء أربعة، فقال لهم: ليقترح كل واحد منكم عليّ قصيدة ارتجلها له: يميّز لي رويّها وبحرها ومقصدها الذي يجب أن أنشئها فيه. فعيّن كل واحد منهم المقصد الذي يريد قصيدة فيه، وعيّن بحرها ورويّها.
فطفق رضي الله عنه يملي لكل واحد منهم قصيدته، وكلما كتب أحدهم بيتا ينشئ له البيت الذي يليه بلا توقف ولا تروية، حتى أتم القصائد الأربع التي أرادوا. وبهذا حدثني اثنان من الأربعة، وعيّنا لي بعض المقاصد والأبحر والروي الذي ذكروا له” .
وكان رحمه الله كثير الإنفاق، ولا سيما على أقاربه، من ذلك ما ذكره ابن العتيق قائلا:” إنه قدمت عليه عير له حاملة ما شاء الله من الأطعمة واللباس والأمتعة، وكان في مجلسه بعض أقاربه، فلما حط المتاع عن الأباعر قال لهم: قوموا إلى هذا المتاع والطعام، وأيكم أحب شيئا فليحمله إلى بيته.
وكان دائم المساواة لجميع الأقربين في حياته رحمه الله. ولما حضرته الوفاة أوصى لهم بخمس ماله، وكان من أهل الثروة والسعة . . . كان الشيخ ماء العينين ينيبه عنه في الأمور العظام، لا سيما ما يتعلق منها بالملوك والرؤساء والأعلام. خلفه والده على حاضرته في سفره الرابع سنة 1319 هـ إلى السلطان عبد العزيز.
عقّب ولدا واحدا هو الخير الفاضل محمد فاضل الملقب أفظيلي أمه أم الفضل بنت الحضرمي بن الشيخ أحمد السباعية.
المصدر:
كتاب افادة الأقربين، لماءالعينين بن الحضرمي، مخطوط بحوزة الموقع ص 26.
سحر البيان، ماءالعينين بن العتيق، مخطوط ص 107 و 108
كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الأول، الطبعة الثانية ص 492-493. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.