الشيخ محمد الغيث

هو محمد الغيث بن الشيخ ماءالعينين المعروف باسم الشيخ النعمة، والدته هند بنت عبد الله بن أحمدُ بن محمد سالم المجلسية. وهو الرابع عشر من أبناء الشيخ ماء العينين. ولد ليلة سبع وعشرين من شهر رمضان عام 1300 للهجرة (1 أغسطس 1883م).
عرفه الطالب أخيار بن مامينا في كتابه بقوله ” كان الشيخ النعمة رحمه الله من فطاحل العلماء، وكان رأسا في التقى والعبادة. وكان ذكيا شديد الفهم ذا حافظة قوية، آية في استحضار النصوص. قرأ القرآن على الفقيه الحضرمي بن الشيخ أحمد، وأخذ عنه الإجازة في القرآن، ثم أخذ العلم والأوراد عن والده، ولازمه ملازمة الظل. وقد رتبه والده مدرسا للمريدين وطلاب العلم. وكان يحبه ويقربه، وولاه لبعض أموره الخاصة كالحريم والنفقة وخزائن الكتب.
وبعد وفاة الشيخ ماء العينين صار عضدا قويا لأخيه الشيخ أحمد الهيبة في الجهاد، وكان خليفته في “تيزنيت” و “وجان”.”
قال عنه ابن العتيق:”كان الشيخ النعمة من الأئمة المجتهدين، والأساتذة المجددين والأصفياء المتقين، والأسخياء المنفقين، مآثر كمالاته لا تسعه الصدور والطروس. قال عنه أخوه الشيخ مربيه ربه:”أخونا الشيخ النعمة، كان من مهرة العلماء العاملين، وأكابر الصلحاء الواصلين، نشأ في طاعة الله. وكان شاعرا ناظما ناثرا، أريبا متفننا في الفنون والمعارف، متبحرا في الحقائق والعوارف، وقد أوتي الحظ الأوفر من شيخنا، فكان يحبه حبا شديدا ويقربه دون سائر إخوته، وولاه جل خاصة أموره كالحرم والنفقة والكتب” .
خلف الشيخ النعمة  مؤلفات عديدة منها: “نور الغسق في بيان هل اسم الجلالة مرتجل أم مشتق”. وهو مطبوع مع كتاب “النفحة الأحمدية في بيان الأوقات المحمدية” للشيخ أحمد بن الشمس الحاجي؛ ومن مؤلفاته “لجام المعترضين”، و”الأبحر المعينية في المدائح الماعينية” وهو كتاب فريد في بابه حيث ترجم فيه لمئات الشعراء يقع في مجلدين كبيرين،  و”تنبيه معشر المريدين”. وتعليق على المثلث. وكتاب “الفواكه”، وهو عبارة عن مسموعاته من والده ويقع في ثلاثة أجزاء،. وديوان كبير جله في الأدعية والابتهالات.
قال ابن العتيق: “خلفه الشيخ ماء العينين على أهله أربع مرات: منها سفره إلى السلطان عبد العزيز عام 1322هـ وخلف معه أخاه الشيخ محمد الأغظف؛ والثانية عام 1324هـ وكنت يوما مع شيخنا في هذا السفر بمراكش، فذُكر الشيخ النعمة، فأنشأ هذين البيتين، وأنشدنا إياهما وهما: 
أنظر بعين رحمة ونعمهْ || عبيدك اللهم ذاك النعمة
خلَّفته مع ضعاف وضعيفْ || هو وعالم بذاك يالطيفْ
وفيه نكتة لطيفة: عاش الشيخ النعمة بعد شيخنا أحد عشر عاما، وذلك عدد لفظة “هو” بحساب الجمل، وإلى ذلك الإشارة بقول شيخنا في البيت الثاني “هو”. ولأولياء الله إشارات يخفونها في بعض ما لهم من العبارات. وخلفه المرة الثالثة في سفره للسلطان عبد الحفيظ عام 1326هـ والرابعة في سفره إليه من “تيزنيت” عام 1328هـ وهذا السفر هو الذي رجع فيه لما بلغ أرض تادلا” .
و في باب تربيته و تعليمه يقول العلامة ماءالعينين بن العتيق في ترجمته للشيخ النعمة : “وفي آخر أيام شيخنا أسند إليه النظر في تربية مريديه وتعليمهم، وأنابه في جل ذلك، وأمرهم بطاعته وامتثال ما يأمرهم به، لما رأى من الأهلية لذلك، ولم يزل على ذلك السنن، حتى توفي شيخنا، فقام بعبء حرم شيخنا: نسائه وأولاده الصغار ذكورا وإناثا، ومن كان من المريدين بحضرته وجيرانه وضيفانه ونحو ذلك. فلم يزل عاملا في الجميع عمل شيخنا، وقائما به كما كان قائما به نيابة عن شيخنا، ولم يصده عن ذلك كثرة الشدائد والمخاوف. . . حتى بلغ الذكور من أبناء شيخنا الذين تركهم صغارا، وتزوجت الإناث اللاتي تركهن صغيرات، وربى المريدين الذين تركهم شيخنا في طريق التربية. وتتلمذ عليه هو نفسه بعد شيخنا ما لا يوصف كثرة من المريدين، وصدر كثيرا منهم. ومن عجيب أمره أن الله تبارك وتعالى وضع في القلوب محبته، وجذب إليه الخلق انجذابا عجيبا. وقد تلوح على وجهه مهابة وجلالة، حتى لا يكاد أحد أن يُحدَّ النظر إليه لجلالة نور طبعته. ومن سر سريرة ألبسه الله رداءها” .
توفي رحمه الله يوم السبت متم ذي الحجة، آخر عام 1339هـ (3 شتنبر 1921م) ودُفن بقرية أكردوسْ. لم يخلف عقبا.

المصادر:

ماءالعينين بن العتيق سحر البيان  115-116
كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الأول، الطبعة الثانية ص 532-533. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.
كتاب إثبات علماء الصحراء على ما للنسب من محاسن غراء لمؤلفه ماءالعينين امربيه بن الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز صفحة 108.