الشيخ محمد الإمام بن الشيخ ماءالعينين

العلامة الأديب الشيخ محمد الإمام بن الشيخ ماءالعينين ،أمه لالة بنت أحمد الكوري، هو الواحد والعشرون من أبناء الشيخ ماءالعينين.ولد بالساقية الحمراء ليلة الأحد في جمادى الأولى عام 1310ه الموافق نونبر1892م، نشأفي كنف أبيه،في طاعة الله شابا تقيا نقيا،جوهرة مصونة في صدف الأتباع عن مسيس أيدي الزيغ و الابتداع،وكان يحبه حبا شديدا وله فيه همة عالية وفراسة صادقة يقول الشيخ النعمة بن الشيخ ماءالعينين في كتاب الفواكه أنه سمع أباه يقول له : »أرجوا أن ييسر الله عليك العلم والعمل به« .
قرأ القرآن وأخذ الإجازة على الفقيه الحضرمي،وأخذ باقي العلوم عن والده الشيخ ماءالعينين، حتى تبحر فيها وصار من جهابذة العلماء ومن كبار الأدباء والشعراء.

قال عنه الشيخ النعمة في الأبحر: »قال يلمعيُّ الأدباء ، لوذعيُّ الألّباء ، مليح الشّيّمِ والفضائل رجيح الأخلاق والفواضل ، ابنه اطال الله حياته السيد محمد الإمام، كان من الأكياس اليلمعيين والكرام الأريحيين ، وله سخاء عجيب وإكرام للبعيد والقريب واشتغال بالعلم والأذكار واعتناء بالكتب الغريبة والأسرار أخذ إجازة القرآن وكان من حفاظه وقرأ غالب المتون المتداولة وغيرها وكان رقيق البشرية كثير البكاء من الخشية عليه سيما الولاية لائحة وبراهين الرئاسة واضحة ، وسمعته أطال الله حياته ( اي الشيخ ماءالعينين ) يقول فيه :
إنه من أرق أولاده بشرية وألطفهم روحانية ولذلك كان لايعاتبه ولا يلومه بل إن أراد أن يقول له شيئا من ذلك ذكر ما يريد أن يقول له بحضوره كأنه يقوله للحاضرين .
وكان صاحب جذب رباني وفتح إلاهي وعبارات خفية غريبة ومراء منامية غيبية عجيبة .
ومع هذا كله فهو ولله الحمد صغير السن كبير القدر كل يوم يظهر فيه من السيادة والنجابة ما يغيظ حساده ويسر أحبابه وله في حضرته الشريفة مدائح ومما وجدت له :

فيا غوثاه يا أملاه إني حقير والمنى منكم أريد
كما قال عنه العلامة ماءالعينين بن العتيق في كتابه سحر البيان في شمائل الشيخ ماءالعينين الحسان: »كان من مشاهير الأمة المنتهين في علمي المعقول والمنقول،وكمل الأولياء المرشدين إلى سبيل الوصول،لم يكتف بما فتح الله عليه به من العلوم الوهبية عن صرف همته وبذل قوته في اقتناء العلوم الكسبية،فكان إماما في الشرائع والحقائق وطودا راسخا في مجمع الطرائق،جادا في تجديد ما اندثر من جادة السنن.كما كان كثير التلاوة لكتاب الله تعالى ماهرا في حفظه،وسائر علومه من رسم وضبط وتفسير وغيرذلك،له خبرة عظيمة بالأحاديث النبوية وسائر الآثار السنية،كيسا لبيبا فطنا خطيبا حافظا. له في المحافل التقدم العجيب وعند المعاضل الرأي المصيب،تلوح على وجهه أنوارالهيبة والوقار،معمرة مجالسه بالطاعات والعبادات والتدريس والتعليم،وسائر الإفادات.كثير العبادة والأذكار،مقبلا على ربه آناء الليل وأطراف النهار« .
قال عنه العلامة محمد بن آبو الحسني: »…وقد صحبته صحبة امتزاج في جميع الظروف المكانية والزمانية أوان بلوغه فما وجدته قط مشتغلا إلا بما يعنيه وما أطباه عن ذلك مع ماهو فيه من غلواء الشباب وريعانه وازدهار أبهة فيضان النعمة التي أنعم الله بها على أبيه شيخنا،وإقبال القبول من الرحمن جل وعلا عليه، وانبعاث الخلق إليه من كل صوب وحدب ينسلون، وهو مع هذا كريم المائدة ،ضخم الدسيعة ،نزيه النفس، بعيد عما لا ينبغي قريب من الخير…..ثم رجعت إليه فإذا هو ماشاء الله ولا قوة إلا بالله بحر علوم زاخر لا تستطيعه الخيازر،متضلع ومضطلع بالعلوم النافعة ودانت له وتدلت له منها الصعبة والشاسعة فأصبح العالم العامل ،العلامة المدرس النحرير، البليغ الماهر المعبر غير المغفل للمسائل تلقيا والقاء، له منزلة في الأدب عالية قطوفها دانية،وناديه عامر لا يخلو من التعلم و التعليم والارشاد والافادة،والاستفادة والتفهيم. »
من كتاب المحيط بالمهم من أخبار الصحراء وشنقيط لمؤلفه جعفر بن أحمد الناصري الجزء الثاني الصفحة489
« قضى الشيخ محمد الإمام الشطر الأول من عمره وعنفوان شبابه في الدولتين:العزيزية والحفيظية وأدرك في الشطر الأخير من حياة والده فشاهد مواقفه في المقاومة والجهاد، وعاش في زمن استفحال الاستعمار الفرنسي الاصباني بالصحراء، ورأى كيف تخطف الفرنسيون والاصبانيون صحراءهم وشنقيطهم قطعة قطعة وقبيلة قبيلة ومر أمام عينيه شريط الأحداث التي تعاقبت على المغرب في تلك الفترة من الزمن،وتقدمت انتشار الحماية على ربوعه وأقطاره،وما كان فيها من الحروب والفتن المظلمة المدلهمة،وموقف الشيخ والده رحمه الله منها إلى أن توفاه الله وقبض على صولجان الجهاد والمقاومة أخوه الشيخ أبو العباس أحمد الهيبة،ثم أخوه الشيخ مربيه ربه فكان في جانبهما يشد أزرهما ويقف في صفهما وشهد المشاهد كلها التي كانت للعدو معهما،فأخد منها بنصيب وضرب فيها بسهم مصيب، إلى أن طويت صفحة المقاومة الحربية فانتقل إلى ميدان المقاومة السياسية. »
يقول العلامة بن آبوا: »لما قلقت أحوال المغرب،وتطورت أطواره، دخل هو وإخوته الجهاد والمكافحة في سبيل الله ،و أبلى فيها بلاء حسنا،وقاد الجيوش وسد الثغور ولقد تتابعت عليهم القوارع ونيء القريب ودنا الشاسع وعضت الحرب واشتد الكرب(فما وهنو لما أصابهم في سبيل الله وماضعفوا وما استكانوا). »
حج الشيخ محمد الإمام ثلاث حجات ،الأولى سنة 1937 ، والثانية عام استقلال المغرب سنة 1956 والثالثة سنة1967 .
له عدة مؤلفات منها:
-الجأش الربيط في النضال عن مغربية شنقيط وعربية المغاربة من مركب وبسيط
-إسعاف السائل في الكلام على بعض المسائل
-الدر المنتخب في تصحيح أنساب من بالمغرب من العرب.
-حلى الأوراق في ضرورة التخلي عن الإسترقاق
-ديوان شعر.

كان ذا حظوة كبيرة عند الملكين الراحلين محمد الخامس و الحسن الثاني حيث أصدرا له ظهائر توقير وإحترام وكان الملك الحسن الثاني رحمه الله يُجله ويكرمه ويعرف له مكانته العلمية والروحية وتقديرا لمكانته العلمية فقد تم اعتماد شهادته في دخول كلية الشريعة بالمغرب وقد انتفع بشهادته كثير من الناس في المغرب وموريتانيا.
توفي يوم الجمعة شهر غشت سنة 1970 وكان آخر من توفي من أبناء الشيخ ماءالعينين الذكور ودفن معه في مجمع الخيرات بتيزنيت.
عقَّب من ذريته :سيدي المصطفى وأحمد الهيبة والشيخ الولي ومحمد الأغظف ويحجبوها والشفاء وسعاد وحانة.


المراجع:

-الشيخ النعمة: الأبحر المعينية في الأمداح المعينية ،تحقيق وتقديم مداح المختار ،مرقون ج 2 ص129
– كتاب الفواكه للشيخ النعمة-مخطوط- الصفحة 137
-سحر البيان في شمائل شيخنا الشيخ ماءالعينين الحسان،ماءالعينين بن العتيق- مخطوط- الصفحتين 120-121
-المحيط بالمهم من أخبار صحراء المغرب وشنقيط,جعفر بن أحمد الناصري ،الجزء الثاني 2015 الطبعة الأولى,الصفحات من 490 إلى 493.
-الشيخ ماءالعينين علماء وأمراء في مواجهة الإستعمار الأوروبي،الطالب أخبار بن الشيخ مامينا، الجزء الأول 2011 الطبعة الثانية،الصفحة 441.

في الصورة:الشيخ محمد الإمام و الشيخ محمد الأغظف و عدد من حفدة الشيخ ماءالعينين