عرفه الطالب أخيار بن مامينا نقلا عن أحمد بن الشمس ليقول:
هو أحمد بن محمد العباسي السُنَّاري وهو من بلاد المشرق.
كان عالما محدثا حافظا، له مشاركة في كل العلوم. أمضى عشرين سنة مدرسا في الحرمين. وكان صاحب رحلة يبحث عن العلماء الراسخين في التربية وعلم السلوك، فسمع بالشيخ ماء العينين وبمكانته في هذا المجال، واستيقن من الثقاة العدول عما يقال عن استقامة هذا الشيخ، شد الرحال إليه وأتاه في الساقية الحمراء وبايعه ومكث معه مدة حتى أجازه في علم السلوك.
قال الشيخ أحمد بن الشمس:”حدثني العلامة المشارك الصوفي الزاهد الناسك، الشيخ أحمد بن محمد العباسي السُنَّاريُّ، المجاور للحرمين، ذو الجولان في البلاد، أنه ما رأى مثل شيخنا. وقد أتانا في الساقية الحمراء، ومعه أناس من أهل مصر والإسكندرية. وسبب إتيانه أنه رأى بعض تلاميذ شيخنا في الحرمين، ورأى استقامتهم، وانشغالهم بما يعنيهم، وسألهم عن أخبارهم وأحوالهم، وذكروا له شيخنا، وأعجبه ما ذكروا عنه، وما رأى فيهم من تصديق ذلك، وقال لهم: إني جلت في البلاد ولازمتُ الحرمين عشرين عاما أريد شيخ التربية، لا شيخ الأوراد، وما وجدته ولا أثره في أحد، والآن وجدت فيكم أثر شيخ التربية، ولا بد لي من شيخكم. وسافر مع ضعفه حتى أتى شيخنا ومكث أشْهُراً ثمَّة. وقال إنما جئت أريد طبيبا يداوي قلبي وها أنا وجدته ولا أسير من عنده إن شاء الله حتى يصلح قلبي، ويأذن لي ، وإلا أمكث حتى يدفنني. وصلح قلبه ولله الحمد وأقر بها وسافر وتوفي في حوز مراكش رحمه الله عند بني دليم.
وتحدث ابن الشمس عنْ وفاة صاحب الترجمة قائلا”:حدثني سيدي محمد بن لار باس أنه أوصاه ألا يكفن في شيء غير الذي عنده، واعلمه بيوم وفاته بأيام قبله، ومل يوم يقول له: لا تنس ما أوصيتك عليه. ويوم وفاته أرسل له، وقال له: إنه أتاه شيخنا يعني الشيخ ماء العينين الآن وودعه، وغسله بصطل عنده، وأنه يموت في ذلك اليوم، وكان كما أخبره رحمه الله . وأضاف الشيخ أحمد بن الشمس: “قال لي رحمه الله جلت في بلاد المشرق يمنها وهندها وعراقها وحرمها وما وجدت شيخ التربية قبل هذا الشيخ. إنما أجد من يُعطي الأوراد”.
المصدر: كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الأول، الطبعة الثانية ص 262-263. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.