
نستكمل سلسلة المعارك الخالدة نقلا عن كتاب الشيخ ماءالعينين علماء و أمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي، للفقيه و المؤرخ الطالب أخيار بن مامينا، خاصة بعد حديثه في مقالات سابقة عن معركة النيملان و حصار تجكجة، اليوم نورد بعض من الأحداث التي تزامنت مع المعركة أو تلتها:
1- مقتل الشيخ بن العروسي الدليمي:
“تزامنا مع معركة “النيملان، قامت مجموعات من أهل الشمال، جلها من أولاد دليم وأولاد أبي السباع، برئاسة الشيخ بن العروسي بإغارة على إقليم الترارزة، بحثا عن الوحدات الفرنسية وكان ذلك في منتصف رمضان 1324هـ (3 نوفمبر 1906م) واستاقت في طريقها جل المواشي وخاصة الإبل التي عثرت عليها، فتصدى لها الأمير أحمد سالم بن ابراهيم السالم وبعض السكان الخاضعين للإدارة الفرنسية عند “المدروم” و “التاكلالت”، وجرت بينهما مناوشات استمرت عدة أيام، مات أثناءها رجل من أبناء أبّاه بن الأمين الرحالي، كما قُتِلَ امحمد بن سيدي احمد بن سيدي بن امحمد شين أولاد أحمد بن دمان؛ ومات من جناح الشيخ بن العروسي ثمانية، من بينهم: عبد الودود بن بَبَيْتْ العروسي، وكان بطلا فارسا، واستطاع الشيخ النجاة بتلك المواشي، وبعد أيام علم مولاي بن أحميّاد العلبي بالغارة، وكان في ناحية “إنشيري”، ومعه ثلاثون مسلحا، فاعترضوا طريق المغيرين ونصبوا لهم كمينا، وبعد اشتباك خاطف، قتل الشيخ بن العروسي، وتم استرداد كل المواشي التي أخِذَتْ من ناحية “المدروم”.
يقول محمد بن أحميادَه: إن الذي قتل الشيخ؛ هو سيدنا بن مايَغْبَه العلبي، وقد وهم من ظن أن الشيخ قتل عند “المدروم”، كما وهم أيضا مَن ظن أن الشيخ هذا من قبيلة العروسيين كما ورد في تحقيق الأستاذ محمذن بن باباه لكتاب “شيم الزوايا”، والصواب أنه من قبيلة أولاد دليم من فخذ الأديكات، وأخطأ أيضا أحمدناه بن خطري في قوله: إنه قائد أولاد أبي السباع في وقعة “فشت” كما ذكر في تحقيقه لنظم المختار بن الحبوبي في التاريخ عند قول الناظم:
وفشتُ ما بدا بها من بوس…فيه وفيه قد قضى العروسي
فأعاد المحقق، الضمير إلى “فشتْ”، والصواب أن الضمير عائد إلى العام الذي مات فيه العروسي وحصلت فيه وقعة “فشت”، وكانت وقعة “فشت” آخر شوال 1324هـ (15 ديسمبر 1906م) وجاء في “جوامع المهمات في أمور الرقيبات” أن وقعة “فشت” حصلت في 1326 وهو خطأ.
معركة “أعليكتْ النعجة”:
في شهر نوفمبر 1906 م شنت مفرزة تابعة لوحدة الجمَّالة الفرنسية هجوما مباغتا على مخيمات أولاد أبي السباع وأولاد دليم وبعض العلب عند “أعكيلتْ النعجة” في “أنشيري”، وجرت معركة شرسة استشهد فيها عشرة، من بينهم محمد محمود بن أحمد بابا السباعي وأصيب العديد بجروح.
تحدث جيلييه GILLIER عن هذا الهجوم، وعَلّل ذلك بأن مقاتلي هذه المخيمات كانوا ينطلقون من “أعكيلت النعجة” لمهاجمة القبائل الخاضعة في ناحية الترارزة، وقال في هذا الصدد: <<قبل ذلك في نوفمبر 1906 كانت فرقنا الحديثة من الجمالة قد التقت مع العدو، وهذه العملية الأولى لوحداتنا الممتطية ظهور الجمال كانت كليا لصالحها، فقد انطلقت مفرزة مكونة من الجمالة وقوم من البيضان ورماة على الجمال ومناصرين من أولاد ابييري تحت قيادة الملازم Berger في البحث عن فريق منشق نازل في منطقة “اعكيلت النعاج” ومنها ينطلق في سلسلة من عمليات النهب في الترارزة، هذه العصابة التي تتألف من أولاد أبي السباع وأولاد الدليم والعلب تم اللحاق بها والهجوم عليها من قبل مفرزة برجيه وسقط منها خلال المعركة 13 قتيلا و 27 جريحا وهرب الباقون تاركين مخيمهم و 80 جملا، وكانت خسائرنا قتيلان وأربعة جرحى>>.
ذكر محمد بن مولود بن داداه أن هذه المفرزة كان أغلبها من “الكوم” تحت رئاسة شيخنا بن داداه وأنها التقت في طريقها إلى أنشيري بمولاي بن أحميّاده راجعا من عند أولاد أبي السباع بعد أن هاجر إليهم قبل ذلك بما يقرب من سنتين، وشعر قائد المفرزة بأن مولاي يحاول إنذار أولاد أبي السباع، فقام باحتجازه، حتى تمكن من مباغتة المخيمات .
المصدر: كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني ، الطبعة الثانية الصفحات 189 190 191 تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.*