بناء السمارة

يقول الشيخ النعمة بن الشيخ ماءالعينين في المواطن التي سكنها والده بعد رحيله من أرض تيرس(1304 للهجرة) ” ثم ارتحل مرارا حتى نزل بوادي قريزيم بجانب وادي الساقية الحمراء،و لبث فيه ستة أعوام في تلك الناحية، وارتحل و نزل بواد يقال وادي النبط و لبث فيه جل عام، ورجع لقريزيم و لبث في أشهرا، ثم ارتحل لمحل من السمارة معروف الآن بحسي (الگرب)القرب و لبث فيه ستة أعوام…وارتحل أيضا و رجع لقريزيم و لبث فيه ثلاث أعوام….ثم ارتحل و نزل بداره بالسمارة.

بدأ الشيخ ماءالعينين في بناء قصبته و حاضرته السمارة أو الصمارة كما في بعض المخطوطات يوم الرابع محرم من سنة 1316 هجرية، واختلف في اليوم فحسب وثيقتين نشرهما الموقع في مقال سابق، كان الرابع من محرم موافقا ليوم الأحد، في حين يرى المؤرخ الطالب أخيار بن الشيخ مامينا أن بناءها كان يوم الخميس الرابع من محرم، مستندا لكتاب التوفيقات الإلهية في مقارنة التواريخ الهجرية، واستكمل بناؤها محرم 1321 الموافق أبريل 1903 ميلادية.

يقول المؤرخ الطالب أخيار أن بعد وفاة الحاج علي الوجدي سنة 1320، استمر كل من المهندسين عبد القادر الفكيكي و الحسين الحرطاني الوعروني حتى أكملا البناء، ، فاتح محرم 1321،ليرتحل إليها شيخنا و يدخلها و يتكامل دخوله الخميس الخامس و العشرين من الشهر نفسه، و في بنائها يقول الشيخ النعمة “ودخلنا فيها قصد السكنى في ثمانية وعشرين من…… عام 1320 وتكاملنا فيها 1321 من القرن المذكور وأعاننا الله بفضله.”

استقدم الشيخ مواد البناء من الصويرة عبر طرفاية، ثم حملت بالجمال إلى السمارة، وأرسل السلطان مولاي عبد العزيز الذي بعث بمواد البناء، مهندسين و حرفيين مهرة لبناء الزاوية، و من بين هؤلاء علي الوجدي الذي توفي سنة 1320 للهجرة، والحاج عبد القادر الفكيكي…

عمر الشيخ ماء العينين حاضرته، فخصصت حظائر خارج القصبة للإبل والأغنام، تحلب ويذبح منها وينحر بشكل ويومي، وشيدت أفران وحفرت آبار إلى جانب غرس النخيل والزرع، واجتمع حول القصبة خلق كثير بخيامهم …كل ذلك نفقته من مأكل وملبس على يد الشيخ، وفي ذلك يقول أحمد باب بن عينينا من قصيدة في مدح الشيخ:

فتى عال الرجال وحيث عالوا    تحمل عنهم مؤن العيال

وقد وصف الرحالة كامل دولس خيمة الشيخ ماء العينين كيف تتوسط مئات الخيام والناس من جهات أربعة يقدمون عليه، وقد رآه حسب شهادته يوزع عليهم الثياب والطعام…

 

بجانب الزاد والتسيير الحسن، كان الشيخ ماء العينين مواظبا على تلقين وتدريس العلم بفروعه وحضور حلقاته، وفي ذلك يقول ماء العينين بن العتيق:” وكان يرتب معلمين قادة حفاظا، في حضرته الشريفة لتعليم أولاده الصغار وسائر صغار حضرته، ومن أحب التعلم من سائر الناس. والأغلب في المعلمين أن يكونوا من أقاربه أو تلامذته…..وهو رضي الله عنه القائم بشؤون تلك المدارس ومؤنها وما تحتاج إليه….”،

ظل الشيخ ماءالعينين في السمارة حتى سنة 1327 للهجرة، حيث توجه إلى تزنيت، التي توفي بها عام 1328 للهجرة رحمه الله

نختم بأن الموقع كان قد نشر في مقال سابق مخطوطا بنسختين مختلفتين، يتضمن نصا حول بناء الزاوية جاء فيه: “الحمد وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم وفي يوم الأحد الرابع من المحرم ابتدأ شيخنا الشيخ ماءالعينين بناء الصمارة عام 1316 (هجرية) على يد الشريف العالم العاقل الزاهد السيد الحاج علي الوجدي وتوفي رحمه الله في جمادى الأخيرة عام 1320 ه بعد تمام بنائها رضي الله عنا وعن الجميع بجاه الشفيع صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.”

 

المصادر:

الشيخ النعمة، الفواكه الصفحات 234-235-236-237.

الطالب أخبار بن الشيخ مامينا، الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي، الجزء الأول الصفحات 69 82 ، 83 و 162.

الدكتور ماءالعينين الجيه، العمران عند الشيخ ماءالعينين، الشيخ ماءالعينين فكر و جهاد ص122.

انظر أيضا مقالة سيرة الشيخ ماءالعينين