يعتبر الشيخ محمد المختار بن حامد الكنتي من أبرز شخصيات و زعماء المقاومة في بلاد شنقيط ضد المستعمر الفرنسي، اشتهر بدوره في معركة النيملان و حصار تجكجة سنة 1906، شارك في الوفد الذي سافر إلى السمارة و مراكش، عرف كذلك بمقاومته للمستعمر في معارك الرشيد سنة 1908، وصفه الرائد جيليه بقوله ” …في الرشيد بتگانت استقر الشيخ المسن زعيم كنتة محمد المختار ولد الحامد الذي خاننا في النيملان عندما انحاز إلى جانب العدو أثناء المعركة ومعه ما يناهز 150 مقاتلا وتحصن في هذا القصر القديم الذي أصبح ملاذا للنهابين في المنطقة، وفي يوم 16 تهيأ رائد الكتيبة :شان بارت قائد كتيبة موريتانيا ودائرة تگانت بالهجوم على قصر الرشيد ومعه الفرق التي جاءت للدعم …”(1)
انطلقت حملة الشريف مولاي ادريس من السمارة سنة 1906، و لدعمها من طرف قبائل المنطقة و أمراء شنقيط، بعث الشيخ ماءالعينين إلى رؤساء القبائل و شيوخها يحثهم على الجهاد و مؤازرة خليفة السلطان ضد العدو الفرنسي و من بين هذه الرسائل، رسالة للشيخ ماءالعينين إلى السيد محمد المختار بن حامد شيخ كنتة.
استتقبل محمد المختار بن الحامد مولاي ادريس و الجيش الذي معه من المجاهدين بكامل الحفاوة و التبجيل…وبعد عقد اجتماع بين محمد المختار و مولاي ادريس حضره بعض الأعيان من قبيلة كنتة، اقترح محمد المختار على مولاي ادريس خطة جريئة لسحق الوحدات الفرنسية المتمركزة في تجكجة(2).
أسهب المؤرخ الطالب أخيار بن مامينا في الجزء الثاني من كتابه الشيخ ماءالعينين علماء و أمراء في مواجهة الاستعمار الأوربي في شرح مجريات و تفاصيل معارك و حوادث تلك الفترة، و عن أوجه العلاقة التي ربطت الشيخ محمد المختار بالشيخ ماءالعينين. و التي يبدو أنها كانت علاقة طيبة، فالشيخ ماءالعينين يصف المرسل إليه بكلمات ” محبنا الأود وقرة أعيننا الأسعد الطاهر المطهر، والنحرير الأغر، الأديب الأريب، الماهر اللبيب، الذكي الزكي، الصفي الوفي، محمد المختار ولد الحامد…”
الرسالة مأخوذ من كتاب ” الصحراء المغربية من خلال الوثائق الملكية” ، مؤرخة بتاريخ جمادى الأولى 1323 للهجرة الموافق ليوليوز 1905، تتحدث كما أسلفنا عن دعوة الشيخ ماءالعينين لمحمد المختار بدعم المجاهدين المتجهين لتلك البلاد، يقول الشيخ ماءالعينين:
الحمد لله وحده وصلى الله على النبي الأسعد
محبنا الأود وقرة أعيننا الأسعد الطاهر المطهر، والنحرير الأغر، الأديب الأريب، الماهر اللبيب، الذكي الزكي، الصفي الوفي، محمد المختار ولد الحامد السلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته ما دام الكون وحركاته، وسكناته، أما بعد فليكن في كريم علمك أن السلطان نصره الله وجه إلينا ابن عمه خليفته نائبا عنه في كل ما أهم جميع المسلمين من الأمور كلها لاسيما أمر النصارى دمرهم الله لأنه ولله الحمد أرسله بالوقوف على ساق الجد حتى تعلو كلمة الإسلام بحيث أن لا يتعدى أحد على أحد بين الأنام ويقضى بحول الله كل مرام والآن لابد من إتيانك إن شاء الله تعالى لتقع لك المشافهة مع الخليفة على أيدينا كما أن السلطان نصره الله كتب لنا بذلك ليحصل بها لمن أغرض فيما مضى وما عرض لأنا كتبنا لأمير المؤمنين أنك من رؤساء تلك البلاد لاسيما قبيلتك وسيدها وإليك ينتهي حلها وعقدها ونراك إن شاء الله تعمل لهذه السبقية تفوز وتحوز بها محمود المحوز كان الله لنا ولك وليا ونصيرا وساعدتنا وساعدتك الليالي والأيام بنيل الآمال بالتمام وعلى خالص المحبة والسلام
لإحدى عشر بقين من جمادى الأولى عام 1323
عبيد ربه ما العينين بن شيخه الشيخ محمد فاضل بن مامين غفر الله لهم آمين
المصادر
(1) كتاب الشيخ ماءالعينين علماء وأمراء في مواجهة الإستعمار الأوروبي،تأليف الطالب أخيار بن الشيخ مامينا،الجزء الأول،الصفحة 248،الطبعة الأولى،منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.
(2) نقلا عن كتاب كنتة الشرقيون، انظر كتاب الشيخ ماءالعينين علماء وأمراء في مواجهة الإستعمار الأوروبي،تأليف الطالب أخيار بن الشيخ مامينا،الجزء الأول،الصفحة 326،الطبعة الأولى،منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.