
بقلم: محمد الاغظف بوية
المربي هو المرشد وقد عرف أبو الحسن الجرجاني المرشد بقوله : ” هو الذي يدل على الطريق المستقيم قبل الضلالة “1.
للإمام الشيخ ماءالعينين مدرسة خاصة على غرار المدارس التربوية الكبرى التي أسسها أئمة كالجنيد والبسطامي والغزالي، و لمدرسته قوانين وقواعد و أدبيات تسير عليها، ولاشك أن برنامجها التربوي الذي وضعه الشيخ ماءالعينين يقوم على منهج قرآني ونبوي مع الانفتاح على اجتهادات الصحابة و التابعين و أهل العلم من أهل السنة والجماعة وخاصة أهل الزهد وطرق الصلاح .فكيف كان الشيخ ينظر للمربي ؟
لا يستثني الشيخ ماءالعينين المربي من برنامجه التربوي المخصص للأذكار و أنواعه وكل النماذج التي تعينه على عمله الرسالي .
بداية يهتم المريد بالذكر، فالذكر بالنسبة للشيخ العارف كالتوبة للمستإنف، تعطى للمربي حرية اختيار الأسماء والصفات الإلهية، له حرية الاختيار خلافا للمريد المبتدئ .ليتخلق بهذه الاذكار مع شرط ملازمة الفرائض والمحافظة على الأوقات دون تفريط ولا إفراط .
هدف الشيخ ماءالعينين تمتين الروابط بتقوية الأسس التي ينبني عليها التواصل بين اعضاء الجماعة ولا سيما الثنائي المربي – التلميذ / المريد .
لا مانع في نظر الشيخ ماءالعينين من إعطاء حرية للمربي الذي سيشعر بنوع من الحماسة الأخلاقية والتي ستؤثر ايجابا على تربية المريد .ومن الافضل السماح بنوع من حرية الاختيار للمربي كما للمريد حرية في اختيار من يلازم من شيوخ الزهد، لأن المدرسة أسست على شعار اإاخاء والمودة والتسامح .
شعار خلدته الحركة العينية على امتداد زمنها أسوة بباقي المدارس الصوفية العليا .
شعار الاخاء والمودة والتسامح حول الجماعة الصوفية إلى أسرة صغيرة أو أنوية أسرية ،يتحول الشيخ من مربي أو معلم إلى أب روحي ، أما المريد فمن مستمع ومرابط وملاحظ الى ابن صغير يتجاوب مع الدعوة الأبوية التى تتحول بدورها إلى دائرة عائلية .
الشيخ المربي أب
المريد تلميذ_ابن.
التصوف ‘مدرسةعائلة.
يقول الشيخ ماءالعينين : ” إن المشاييخ للمريدين بمثابة الآباء للأولاد ” 2، هذا التحول يقودنا لطرح سؤال الإرث.، فهل يرث الابن الروحي والده الروحي مادام هو ابنه ؟
يرث المريد شيخه كما يتوارث الأبناء والأباء ،إرث يسميه الصوفية ” إرث ديني” .يقول أبو الفداء اسماعيل حقي ** على ظاهر الآية الكريمة ( يوصيكم الله في ..) الآية إشارة إلى وصايا المشاييخ والمريدين وراثتهم في قرابة الدين لقوله تعالى : “هم الوارثون “فكما أن الوراثة الدنيوية بوجهين بالسبب والنسب كذلك الوراثة الدينية بهما، أما السبب فهو الإرادة ولبس خرقتهم والتبرك بزيهم والتشبه بهم ، وأما النسب فهو الصحبة معهم بالتسليم لتصرفات ولايتهم ظاهرا وباطنا بصرف النية وصفاء الطوية مستسلما لاحكام التسليك والتربية “.3
الشيخ هو الأب الروحاني والمريدون المتولدون من صلب ولايته هم الأولاد الروحانيون في نظر الشيخ ماءالعينين ولذلك أورد مجموعة من الأحاديث النبويةةوالآيات القرآنية والتي هدفها تعزيز رؤيته للمشروع الصوفي.
لكن السؤال المشروع يظل قائما : ما ميراث المريد أو الابن الصوفي من الأب؟ يجيب الشيخ ماءالعينين : وإنما مواريثهم العلوم الدينية واللدنية”.4
هوامش :
- 1 محمد الاغظف بوية المصطلح الصوفي ص62
-2 الشيخ ماءالعينين نعت البدايات وتوصيف النهايات ص86
**ابو الفداء اسماعيل حقي ابو الفداء جلوته توفي 1755م فهرس المخطوطات .وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ،الجزء 4,ص39 رقم الكتاب 2548
-3 نعت البدايات وتوصيف النهايات ص86
-4 نفس المصدر ص،86